الثوب القطري يعكس تمسك المواطن بهويته وأصالته
تقترن زينة الشاب القطري و(كشخته) بالغترة والعقال على أساس أنها من اساسيات أناقته التي لا يستغني عنها ويتشابه في هذه النقطة مع أقرانه في دول الخليج العربي الذين توارثوا ارتداء الغترة والعقال من أجدادهم العرب الأوائل. لكن اختلاف طرق ارتداء الغترة والعقال ومسميات هذه الطرق هي ما يضع الحد الفاصل المميز لهوية مرتدي الغترة إن كان قطريا او اماراتيا أو من احدى دول الخليج الأخرى. ومن الواضح جدا لكل من يزور دولة قطر أن الغترة والعقال ما زالت تقف شامخة على الرؤوس برغم موجة العولمة التي تجتاح الملابس في جميع أنحاء العالم. وللغترة أشكال وألوان مختلفة كل شكل يتميز عن غيره بميزة وهي بالطبع تختلف عن الشال وعن الشماغ وعن الكوفية. والعقال أو الخزام كما كان يسمى في بعض مناطق الجزيرة العربية قديما يختلف عن العقال المعروف الآن كما أن وظيفته لا تتعدى الزينة فقط.
وقماش الغترة أبيض شفاف كي يتلاءم مع طبيعة الجو الحار صيفا، أما في الشتاء فهناك الغترة التي تجمع اللونين الأبيض والأحمر وتسمى «الشماغ»، والذي قماشه أكثر سمكا ومتانة من النوع الاول وبه نقوش بديعة، ويشاع استخدامه في المملكة العربية السعودية، أما الغترة البيضاء فينتشر لبسها بدول الخليج بصفة عامة.
الغترة وراءها الكثير
وقديما كان المواطن العادي يرتدي الغترة بالطريقة «الحمدانية» وهي الطريقة التي مازال كبار السن في الخليج يستخدمونها، حيث تنسدل الغترة على الكتفين. أما اليوم فقد تنوعت أشكال وألوان وطرق لف الغترة حتى اصبحت أحد مفاتيح شخصية الشاب الخليجي، فيمكنك معرفة الشريحة التي ينتمي لها الشاب من طريقة وضعه للغترة، كما يمكنك اكتشاف هل هو شخص تقليدي أم أنه من النوع الذي يتبع أحدث صيحات الموضة!. وتتنوع طرق ارتداء الغترة بين الشباب، فكبار السن والشباب الذي لا يتبع الموضة يميل للطريقة التقليدية، حيث تنسدل الغترة على الكتفين، وهناك من يتفنن في ابتكار طرق جديدة لارتداء الغترة، فمحبو لفت الأنظار وعكس مظهر الثقة بالنفس يختارون «الكوبرا»، وهي طريقة لارتداء الشماغ مع ترتيب أطرافه بحيث تنسدل بثبات على الجانبين لتبدو مثل أفعى الكوبرا وهي تستعد للانقضاض. وآخرون يرتدونها بالطريقة «العنكبوتية»، حيث تلم كل أطراف الغترة فوق الرأس، وهناك طرق رسمية للف الغترة وأخرى نصف رسمية وهكذا.
ويذهب البعض إلى أنه يمكنك أن تعرف الحالة النفسية والمزاجية للفرد من وضع الغترة وكذلك العقال فوق رأسه، فاذا جعلها مثلثة الشكل في الوسط فهذا يعني أن مزاجه معتدل، وإذا حركها يمينا أو يسارا ففي الأمر شيء لا يريحه، أما نزع العقال فيعني وفاة أشخاص مهمين أو قضايا تتعلق بالشرف.
أما «العقال» الذي يعتبر من متممات اللباس الخليجي بوضعه فوق الغترة، فكان يطلق عليه قديما أسماء عديدة، منها الشطفة أو الخزام، وهو من الصوف الخالص تحزز اجزاء منه، أما أنواعه فهناك العقال الاسود الذي يغزل ويجدل من صوف الماعز ويسمى بالمرعز، ويبدو رفيع الشكل حيث كان ينحل على شكل طولي يطوي بعضها على بعض فتكون دائرة أصغر بقدر استدارة الرأس، وقد يتدلى منه خيطان طويلان كما في حالة العقال القطري.
وهناك العقال جديلة من صوف أو حرير مقصب، ويأتي بألوان منها الأبيض ويرتديه شيوخ المساجد، ومنها الزري الذي يرتدى في المناسبات والمهرجانات الوطنية والأفراح.
البشت رمز الوقار
ومن العادات والتقاليد التي تتميز بها دول الخليج خاصة والدول العربية عامة، الملابس الخاصة في المناسبات والمحافل الرسمية مثل العرس والعيد وغيرهما. ويعد البشت من الازياء التقليدية المعروفة في الخليج العربي وبعض الدول العربية وفي الماضي كان الرجال يلبسونه معظم الاوقات، اما في الوقت الحالي فيلبسونه للمناسبات والاعراس. ويلبس الرجل البشت المصنوع من صوف أسود أو بني فاتح ومطرزة حوافه بخيوط الذهب (الزري) وذلك في المناسبات الرسمية. ولا يقتصر ارتداء البشت على الرجال فقط ، بل حتى الأطفال كانوا يرتدون البشت في الماضي ولكنه اليوم اصبح من ملابس الحكام والرؤساء والوجهاء وعلماء الدين وعلية القوم، وهو يتكون من قطعتين رئيستين أفقيتين واحدة تبدأ من الكتف إلى نصف الرجل والثانية تبدأ من النصف إلى أسفل الرجلين. والمنطقة التي تخاط فيها هاتان القطعتان يعبر عنها بالخبنة، و هي كلمة عربية صحيحة، وتعني كلمة خبن الثوب خبنا، وخبانا، ثنى جزءا منه وخاطه، وإن هذه الخبنة لها أهميتها حيث يتم عن طريقها تقصير وتطويل البشت حسب قامة الرجل ولكن لها أهمية أخرى وهي أنها تخاط بطريقة بحيث لاتكون جوانب البشت أطول من الوسط، وإن خياطة البشت من منطقة الخبنة هي التي تحافظ على أطواله وأبعاده، وتكسب البشت الشكل الدائري الذي يناسب الجسم.
ويبدأ البشت من الأكتاف وحتى الرجلين وليس له أكمام ولكن له فتحتان من أجل إخراج اليدين من خلالهما، ويكون البشت مفتوحا من الأمام ولايحتوي على أي نوع من أنواع الأزرة ولكن يضاف إليه التطريز على جانبيه من النصف العلوي وحول الرقبة بطرق مختلفة كما أنه يوجد » زري» يبدأ من الكتف إلى فتحة اليدين، ولكن هناك نوع آخر لايحتوي على تطريز » الزري» ويستعاض عنها بوجود خيوط أخرى من الإبريسم تكون مثل لون البشت، يطلق عليها «بخية»، بل حتى هذا النوع قد يضاف إليه الزري.
تسمية البشت
لقد أشار بعض الكتاب إلى أن كلمة بشت كلمة فارسية استخدمت في الخليج والعراق على نطاق واسع جدا وأصبحت محل الكلمة العربية الفصحى وهي «العباءة»، ويقول ناصر حسين العبودي في كتابه الأزياء الشعبية الرجالية في دولة الإمارات وسلطنة عمان: البشت يسميه الإيرانيون بوشت وكلمة بوشت معناها بالفارسية خلف ومعناه مايلف على الخلف أي مايلبس على الظهر، ولكن هناك رأيا آخر يقول بأن هذه الكلمة إنما جاءت من أفغانستان نسبة إلى قبائل «بشتكو» التي تميزت بلباسه ولهذا عرف باسم البشت نسبة لها، إلا أن الرأي الأول أقرب إلى الصحة خصوصا إذا عرفنا بأن التعاملات التجارية بين الخليج وفارس كانت كبيرة وأن بعضا من الكلمات والمفردات المستخدمة في الألبسة وغيرها إنما هي كلمات فارسية الأصل.
مادة البشت
من المعروف بأن البشت يصنع من أصواف الجمال والماعز حيث يتم غزل هذه المادة وذلك يستغرق مدة زمنية ثم بعد ذلك يصنع منها القماش الذي يكون جاهزا لاستخدامه كبشت، هذه هي المرحلة الأولى لإعداد مادة البشت، ولكن هناك أنواعا أخرى من خام القطن أو الحرير استخدمت للبشوت إلا أنها قليلة والسبب في قلة استخدام الحرير كبشت هو تحريمه على الرجال، ولكن استخدم الصوف أكثر من غيره باعتبار ديمومته وطول عمره، أما بالنسبة للبدو فقد استخدموا وبر الجمال على نطاق واسع كما أنهم كانوا يصدرون المادة الخام من الجلد والصوف لمناطق الحضر لإعدادها كأقمشة للبشوت وغيرها.